قبل أن تنقرض مهنة الطب

إذا استمرت أوضاع الأطباء على ما هى عليه الآن، فربما تنقرض مهنة الطب تماما فى مصر، ولن تجد كليات الطب العدد الكافى من الطلاب الذين يريدون الالتحاق بها، وهو ما قد يهدد بتفاقم أزمات منظومة الصحة فى مصر، وتدهور الرعاية الطبية المقدمة لملايين المرضى وخاصة الأغلبية الفقيرة منهم التى لن تستطيع الحصول على العلاج فى العيادات والمستشفيات الخاصة.

4200 طبيب قدموا بالفعل طلبات برغبتهم فى الاستقالة من العمل فى مستشفيات الحكومة بسبب ضعف مرتباتهم التى لا يمكن أن تكفى أبدا نصف ولا حتى ربع احتياجاتهم الأساسية، فعلى مسئولية د. خالد أمين طبيب النساء والتوليد خلال لقائه فى برنامج تليفزيونى على قناة « دى إم سى » لا يتعدى جملة ما يتقاضاه الطبيب خريج عام 2010  أكثر من 1800 جنيه شهريا، المفروض أنها تكفيه لدفع تكاليف أكله وشربه وملبسه وعلاجه وترفيهه بالإضافة إلى توفيره مبلغًا شهريًّا يكفى تدبير نفقات زواجه بعد أن شارف عمره على الثلاثين عاما !

المرتب الأساسى لهذا الطبيب الذى يبدأ عامه العاشر فى الخدمة يبلغ 351 جنيهًا و76 قرشا، منها 19 جنيهًا بدل عدوى، و3 جنيهات و67 قرشًا مكافأة خاصة، وجنيه واحد و84 قرشًا بدل إصابة عمل، و4 جنيهات بدل عيادة وهى لبعض الأطباء وليس كلهم تعويضًا لهم على عدم فتح عيادات خاصة بهم، والتركيز فى عملهم بمستشفيات الحكومة !

المفترض فى هذا الطبيب المسئول عن صحة ملايين المرضى، أن يجد الإمكانيات المالية التى توفر له القدرة على شراء المراجع والمجلات الطبية المتخصصة فى مجاله لكى يرفع من مستواه المهنى، بل وأن تتوافر له القدرة على المشاركة فى مؤتمرات طبية تقدم له أحدث أساليب العلاج، وقبل ذلك كله المفترض أن يجد الحماية داخل مقر عمله، لكن الكثير منهم يشكون من اعتداء أهالى بعض المرضى عليهم لأسباب لا علاقة للأطباء بها، مثل نقص أسرة الرعاية المركزة  أو مستلزمات الرعاية الصحية أو بعض أنواع الأدوية، وهى الظاهرة التى انتشرت مؤخرا ودفعت نقابة الأطباء إلى المطالبة بتغليظ عقوبة الاعتداء على الأطباء فى المستشفيات إلى السجن 10 سنوات.

فهل تكفى 1800 جنيه شهريا لطبيب شاب أن يطور من مهنته  ليقدم خدمة علاجية راقية لمرضاه ؟ وهل يفترض أن يتفرغ الطبيب لعمله فقط أم نشتته فى التفكير فى كيفية تدبير نفقات حياته الخاصة إضافة إلى البحث عن طريقة لحماية نفسه من غضب أهالى بعض المرضى ؟ وهل نلومه إذا فكر فى البحث عن فرصة عمل بالخارج ؟!
إصلاح منظومة الصحة فى مصر لا يمكن أن يتحقق إلا بتوفير مرتبات آدمية للأطباء، فطبيعة عملهم لها متطلبات خاصة تستلزم وضع كادر خاص بهم فى أسرع وقت ممكن، فصحة المصريين قضية أمن قومى يجب أن توليها الحكومة الاهتمام الواجب بتوفير الميزانيات الكافية لإصلاح أوضاع المستشفيات والأطباء قبل فوات الأوان.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فيروس كورونا: هل تستطيع تجنب لمس وجهك لتفادي الإصابة بالفيروس؟

11 مرضاً تسبب تغيّرات في الشخصية