الطب عند ابن سينا
كل ما يُقَدَّم بين يوم وآخر على أنه هو الحقيقة بأكمل معانيها سوف لا يلبث طويلًا حتى يُضْرَب به عرض الحائط، لتحتل مكانه تصورات جديدة، كثيرًا ما تتعارض مع ما سبقها، فهل يحق للمرء حينئذ أن يصف علوم عصرنا بأنها كانت لا علمية؟ من مظاهر الحضارات القديمة كلها أنها بطبيعتها تجعل من السهل أن يبلغ العلم فيها غايته بسرعة فلن يقوم بيننا مثل «أرسطو» أو «ابن سينا»، لا لأن عقولنا أقصر منهم جهدًا - بل لأن طبيعة العلم الحديث لا تسمح لنا أن نلم بغاياته ونبلغ حدوده، أما التفكير القديم فكان قائمًا داخل حدود معيَّنة معروفة لم يكن لأحد أن يخرج عنها. أما كتاب «القانون فى الطب» فهو أعظم مصنفات «ابن سينا» بلا مراء، فهو كتاب كبير، غزير المادة، جامع للطب بفروعه المختلفة، لم يترك شاردة إلا أوردها فيه، وقد طبقت شهرة هذا الكتاب الآفاق فى عصره وفى غير عصره، وهو منظم جدًا، بل فيه إسراف فى التنظيم والتقسيم، فاق تنظيمه المنهجى ما كان عليه كتاب «الحاوي» للرازى. وأن يكون كتابه دستور الأطباء، يعودون إليه كلما استعصت عليهم مشكلة ليجدوا فيها الحد الفاصل للنقاش، وليظل خالدًا أبدًا. ولقد استطاع «ابن سينا» أن ي