المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, ٢٠١٩

الطب عند ابن سينا

كل ما يُقَدَّم بين يوم وآخر على أنه هو الحقيقة بأكمل معانيها سوف لا يلبث طويلًا حتى يُضْرَب به عرض الحائط، لتحتل مكانه تصورات جديدة، كثيرًا ما تتعارض مع ما سبقها، فهل يحق للمرء حينئذ أن يصف علوم عصرنا بأنها كانت لا علمية؟ من مظاهر الحضارات القديمة كلها أنها بطبيعتها تجعل من السهل أن يبلغ العلم فيها غايته بسرعة  فلن يقوم بيننا مثل «أرسطو» أو «ابن سينا»، لا لأن عقولنا أقصر منهم جهدًا - بل لأن طبيعة العلم الحديث لا تسمح لنا أن نلم بغاياته ونبلغ حدوده، أما التفكير القديم فكان قائمًا داخل حدود معيَّنة معروفة لم يكن لأحد أن يخرج عنها. أما كتاب «القانون فى الطب» فهو أعظم مصنفات «ابن سينا» بلا مراء، فهو كتاب كبير، غزير المادة، جامع للطب بفروعه المختلفة، لم يترك شاردة إلا أوردها فيه، وقد طبقت شهرة هذا الكتاب الآفاق فى عصره وفى غير عصره، وهو منظم جدًا، بل فيه إسراف فى التنظيم والتقسيم، فاق تنظيمه المنهجى ما كان عليه كتاب «الحاوي» للرازى. وأن يكون كتابه دستور الأطباء، يعودون إليه كلما استعصت عليهم مشكلة ليجدوا فيها الحد الفاصل للنقاش، وليظل خالدًا أبدًا. ولقد استطاع «ابن سينا» أن ي

الطب علم وفن.. وليس تجارة

حرر «أبقراط» الطب من سيطرة رجال الدين ووضع له نظمًا جديدة، كما كان أول من رفع مسئولية علاج المرضى عن الآلهة، ووضعها على عاتق الإنسان فقط. وإذا كان ذلك ما أحرزه «أبقراط» فى القرن الخامس قبل الميلاد، فإننا فى الألفية الثالثة بعد الميلاد ما زال بعضنا - للأسف الشديد - يعتقد فى علاجات مثل شرب «بول الإبل» وغيره!! موضوع علم الطب، هو تشخيص مرض المريض بعد ملاحظة أعراض المرض عليه، ومحاولة اكتشاف الدواء الذى يشفيه من ذلك المرض.  يوحى التعريف السابق للطب بأنه فن أو صنعة، لكن الواقع أن الطب علم وتطبيق معًا. هو علم نظري- كسائر العلوم الطبيعية- له منهجه وقوانينه ونظرياته عن المرض والصحة والعلاج. هو علم نظري، حيث يحاول فهم العالَم لكى يغيره، والعالَم فى هذا السياق هو الناس؛ سواء منهم المرضى أو الأصحاء، ومحاولة تغييرهم من حالة المرض إلى حالة الصحة أو وقايتهم من المرض. وأبسط دليل على أن الطب علم نظرى هو ارتباطه بكثير من العلوم النظرية، مثل: الفيزياء فى استعانته بأشعة الليزر والنشاط الإشعاعى فى معداته التكنولوجية، ومثل: علوم الكيمياء الحيوية، وعلم وظائف الأعضاء (الفسيولوجيا)، والتشريح، وعلم الأمراض

أنى لك من تدبير منظومة الصحة لكل ذلك؟

الصحة إلى جانب التعليم هما الملفان الشائكان فى الشأن الاجتماعى المصرى قاطبة. فى حديث مطول فى الوطن الخميس الماضى، ذكرت د.هالة زايد وزيرة الصحة أمورا كثيرة مهمة، وبعضها جيد، لكنها حملت فى طياتها عشرات الأسئلة التى لم تستطع الوزيرة أن تجيب  عنها، بل إن هذا الحديث زاد من إرباك المواطن أو القارئ على إرباكه. الأمر الأول، أن الوزيرة تحدثت عن ثلة من المبادرات الرئاسية فى مجال الصحة، «قوائم الانتظار»، «100 مليون صحة»، «المستشفى النموذجى»، «ألبان الأطفال». وإذا أضفنا لذلك مبادرة غير متصلة بالصحة مثل «تكافل وكرامة»، «حياة كريمة» وغيرها لأصبحنا نشخصن قضايا مصر، ونعلق مصير الملايين على مبادرات رئاسية، بدلا من أن تكون لدينا مؤسسات عاملة بشكل جاد ومعتبر. الأمر الثانى، أن الوزيرة ذكرت إحصاءات مربكة وغير مفهومة، فمثلا عندما أشارت إلى قوائم انتظار للعمليات الجراحية لـ17888 عملية جراحية تحتاج لمدى زمنى 6 أشهر، وأن تلك العمليات انتهت فى 62 يوما فقط، دون أن تذكر كيف تم ذلك. كما أنها عادت وذكرت أنه تم إنجاز 86 ألف عملية جراحية فى 3 أشهر. الأمر الثالث، تحدثت الوزيرة عن أزمة رواتب الأطباء،

الدكتور حسام بدراوي طبيب وسياسي مصري

حسام بدراوى: الأيديولوجيات سقطت فى العالم  كتابه الأهم «التعليم الفرصة للإنقاذ»  متى تطبق الديمقراطية، قلت إنها بصورتها الغربية لم تنفذ فى أى من دول العالم النامى إلى الآن، فالشعوب يحكمها دائما واحدة من أربعة، القوات العسكرية، أو الايديولوجية الدينية، أو التكتلات الاقتصادية، أو الأيديولوجيات التى يصنعها الانسان، مثل النظام الشيوعى أو الاشتراكى، وقد مات هذا النظام مثلا، بموت الاتحاد السوفيتى، وقد رفضنا فى مصر الايديولوجية الدينية فى ثورة 30 يونيو، مثلما رفضت كثير من دول العالم النامى أن تحكم تلك الايدلوجية، وفى العالم كله لم يتبق سوى التكتلات الاقتصادية مع القوات المسلحة.  فالتطور التكنولوجى وسطوة الـ «سوشيال ميديا»، أفقدا الأحزاب كثيرا من قدراتها التقليدية مثل حشد الجماهير وخلافه ، الآن الرئيس يكلم الناس على الهواء مباشرة ودون وسيط، والحقيقة أننا فى مصر ما زلنا متمسكين بالشكل الحزبى القديم، وهو شكل لم ينجح فى يوم بالفوز بالسلطة، فما يحدث هو أن الحاكم إذا كان له حزب، فإن حزبه يسمى بـ «الحزب الحاكم»، وفى الدول النامية عادة، لا توجد أحزاب حاكمة، سوى الأحزاب التابعة أو القريبة من

خط دكاترة

الخط المتشابك المعقد الذى يصف طريقاً للخروج من متاهة لا يكتبه متعمداً إلا من يتشبه بكاهن لا يريد أن يفهم رموزه أحد. كلمات الروشتات الملغزة لا تقتصر فقط على أسماء العقاقير، بل تتجاوزها إلى عدد الملاعق والكبسولات ومواعيد تناول الدواء قترب الطب فى أغلب الأحيان من الإنسانية، وتتم كتابة الروشتات على الكمبيوتر وطباعتها حتى لا يسىء فهمها الصيادلة البعض من دكاترة الأدب والفكر يتناولون شرح آرائهم بأسلوب مركب متشابك يصعب على المتخصص فهمه فى كثير من الأحيان، فما بالك بقارئ يريد أن يتعلم؟ هذا يذكرنى بمقولة الفيلسوف الراحل الدكتور زكى نجيب محمود التى تلخص هذه الآفة "وضوح الفكرة فى ذهن المتلقى يعكس وضوحها فى ذهن قائلها"