ثقافة صحية.. احذروا علاج الأعضاء.. والأعراض!

أوجه هذا التحذير إلى كل من ابتلاه ربه بمحنة المرض؛ فمن المهم أن يدرك المريض جيدًا أن ذهابه إلى الطبيب ليس بهدفِ الحصول على وصفة الدواء فحسب، بل قبل ذلك، والأهم من ذلك معرفة حقيقة المرض وأسبابه وعواقبه، وكذا تفاصيل العلاج ومحاذيره وغيرها من المعلومات الأساسية قبل وصف أى علاج.. وإذا لم تُتح له هذه المعلومات، فمن حقه أن يتركه ويذهب إلى طبيب آخر.. ومن واقع خبرتى الطويلة فى هذا المجال، أود الإشارة إلى ظاهرتين خطيرتين:
الأولى علاج الأعضاء، والمقصود هنا هو التركيز على علاج عضو واحد يتخصص فيه الطبيب المعالج بغير النظر إلى بقية الأعضاء؛ فالجسد الإنسانى يتكون من مجموعة من الأعضاء التى- وإن ابتعدت مكانيًا فإنها ترتبط جميعها بشبكة اتصال إلهية معجزة تتكون من الجهاز العصبى الذى يرسل إشاراته عبر الأعصاب إلى كل الأعضاء، ومعه جهاز الغدد الصماء الذى يرسل إشاراته عبر الهرمونات التى يفرزها لتصل عبر الشرايين إلى كل أعضاء الجسم، ومن هنا تأتى أهمية الربط بين العضو المصاب وبين كل الأعضاء الأخرى، ما يتطلب فحصا إكلينيكيا لكل الأعضاء مع الأخذ فى الاعتبار عند التشخيص ووصف العلاج مدى تأثر الأعضاء الأخرى بهذا الداء، وهذا الدواء.
وجدير بالذكر أن هناك أمراضًا تصيب الكثير من الأعضاء بدرجات مختلفة، أشهرها مرض السكرى الذى يمتد تأثيره ليشمل كل أعضاء الجسم، وكذا أمراض الجهاز المناعى، مثل الروماتويد والذئبة الحمراء وغيرهما، بالإضافة إلى أمراض الدم والأورام الخبيثة وغيرها.
الظاهرة الثانية علاج الأعراض: من حق المريض أن يسأل طبيبه عند وصف الدواء، وهل هو للشفاء أم أنه فقط لتخفيف الأعراض؛ فالفارق كبير ومن واجب الطبيب أن يشرح للمريض خطته فى العلاج بكل وضوح، فهناك حالات مرضيىة تتطلب سرعة تخفيف الأعراض، مثل حالات المغص الكلوى ونوبات الحساسية الجلدية أو الصدرية أو النزيف وغيرها، مما يتطلب سرعة التدخل لتخفيف العرض أولًا ثم يتبع ذلك بالضرورة البحث عن الأسباب وتوضيحها للمريض وكتابة العلاج النهائى.
وتبقى ملاحظة مهمة، وهى أن بعض الأمراض تحتاج إلى تدخل أكثر من طبيب فى تخصصات مختلفة، وفى هذه الحالة من المهم أن يلتقى الفريق المعالج للنقاش والاتفاق على خطة علاج تتجنب بقدر الإمكان الإضرار بأىٍ من الأعضاء، وبكل أسف وصراحة فإننا نفتقد إلى حد كبير هذا النوع من العمل كفريق طبى لأسباب كثيرة لا مجال للحديث عنها الآن.
خلاصة الأمر: إن مهنة الطب مهنة إنسانية، سامية، تتطلب من الطبيب قدرًا كافيًا من العلم الحديث والمهارة الإكلينيكية والخبرة المتراكمة، وقبل ذلك وبعده: الأمانة، والصدق، والرحمة، والإنسانية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فيروس كورونا: هل تستطيع تجنب لمس وجهك لتفادي الإصابة بالفيروس؟

11 مرضاً تسبب تغيّرات في الشخصية