طبيب على سرير المرض

جربتى الحديثة مع المرض وتلقِّى علاج تدخلى دفعتنى إلى التفكير والتأمل: لماذا الخدمات الطبية فى بريطانيا تُقدم على أحسن مستوى؟.
إجابة هذا السؤال تشمل جوانب كثيرة، سوف أتعرض لها فى السطور التالية:
أولًا: انتشار ثقافة خدمة المريض بتفانٍ، والتعامل معه بكل احترام من جميع العاملين فى القطاع الصحى، هذه الثقافة أدت إلى وجود شعور عام بين المواطنين بالثقة فى مقدمى الخدمات الطبية وتقدير جهودهم واحترامهم.
ثانيًا: الخدمات فى المستشفيات تُقدم حسب بروتوكولات مدروسة وواضحة، تحدد دور كل شخص فى فريق العلاج بالتفصيل، ويتم تنفيذ هذه الأدوار بدقة والتزام، وبدون أى محاولة للاختصار فى التفاصيل، لذلك يتوالى تقديم الخدمات الإكلينيكية وغيرها بأسلوب سلس، وكل خدمة تُقدم مع شرح وافٍ لطبيعة ما يُقدم، ولو حدث أى تأخير يُقدم الاعتذار الواجب، مع شرح وافٍ لسبب التأخير.
ثالثًا: نجاح الخدمات الطبية لا يعتمد فقط على كفاءة وجهد الأطباء، إنما أيضًا التمريض، بل كل العاملين فى المستشفيات مثل الإداريين، والسكرتارية الطبية، والمسؤولين عن النظافة، ومقدمى الوجبات الغذائية، ولا ننسى المساعدين المسؤولين عن نقل المرضى من مكان إلى آخر بدون تأخير.
رابعًا: لا توجد محاباة أو محسوبية فى نوعية الخدمات العلاجية، لا أعتقد أن ما تلقَّيْته من خدمة مميزة يُعتبر حالة خاصة، فهو لا يختلف عن خبرة المرضى الآخرين.
خامسًا: مؤسسة الصحة العامة البريطانية يعتمد نجاحها على التزامها بمعايير الجودة، ومبادئ الحوكمة الإكلينيكية، وتطبيق بروتوكولات مدروسة يلتزم بها كل مَن يعمل فى هذه المؤسسة.
سادسًا: بدون شك، انتشار ثقافة (المريض هو مركز الاهتمام) عامل مهم فى استمرار نجاح هذه المؤسسة.
أتمنى من خلال تجربتى مع النظام الصحى البريطانى مريضًا أن تكون منبعًا لأفكار إصلاحية جديدة للمنظومة الصحية فى مصر، والتى للأسف تعانى مشاكل كثيرة، ومن أهمها تدهور الثقة بين المواطن والطبيب، وانتشار الهجوم البدنى على الأطباء، وتحطيم مراكز العلاج.
بدون مشروع إصلاحى جذرى جاد يعيد ثقة المواطن فى مقدمى الخدمات الصحية والالتزام باستخدام الموارد المحدودة بحكمة، وحسب دراسات موضوعية، ستستمر هذه الأوضاع المؤسفة».

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فيروس كورونا: هل تستطيع تجنب لمس وجهك لتفادي الإصابة بالفيروس؟

11 مرضاً تسبب تغيّرات في الشخصية