وظائف الأعضاء
الجسد البشرى مكون من مجموعة من الأعضاء أو الأجهزة التى لكل منها وظائفها التى تقوم بها، فالقلب يضخ الدم، والمعدة تهضم الطعام، والرئة تأخذ الأكسجين وتطرد ثانى أكسيد الكربون، والأعصاب تنقل الأوامر من المخ إلى كافة أنحاء الجسد، أما المخ ذاته فإن مجموعات من «النيرون» فيه تحفظ الذاكرة، وأخرى توجه وتضبط إيقاع الحركة، وهكذا يكون لكل عضو وظائفه ومن بينها الاستجابة ساعة حدوث خلل فى الأداء الفردى أو الجماعى. الحالة ذاتها يمكن أن توجد فى كل فرقة موسيقية، فلكل آلة وظيفة، ولا يكتمل اللحن أو السمفونية إلا إذا عملت الآلات كلها فى تناغم يضبطه «مايسترو» فلا تتغول آلة على أخرى، ولا تسرع واحدة وتبطئ ثانية إلا بإشارة، وهكذا يكون الحال فى كل ما ننظر فيه من وجود، فهو فى الأول والآخر مجموعة من الوظائف المنظمة التى تنتظم لأداء بعينه. الدولة من هذه الزاوية هى تجمع اعتبارى لمجموعة من الوظائف التى تجعل لجماعة من الناس «هوية» بعينها، وترتب استنادا إلى ذلك «الحماية» من نفسها، ومما يأتى من خارجها، وأكثر من ذلك ما يحقق بقاءها واستمرارها، وسعادة الأفراد الذين باتوا مواطنيها. ومثلما الحال فى الجسد الإنسانى والفرقة الموسيقية، فإن الدولة تفسد إذا لم تقم كافة أجزائها بوظائفها بالكفاءة المطلوبة أو كان هناك خلل، وإذا لم يحدث ذلك تكون هناك أمراض وعلل، وتاريخ الإنسانية هو تاريخ صعود وسقوط الإمبراطوريات، وميلاد ووفاة الأمم؛ وفى عصرنا هذا فإن تقسيم الدول إلى عالم أول، وآخر ثالث، ودول متقدمة وأخرى متخلفة، وواحدة صناعية وأخرى زراعية، ما هو إلا تقسيمات قامت على المدى والنوعية فيما وصلت إليه الدولة فى أداء وظائفها.
وفى العموم، فإن الدول الحديثة قسمت بداخلها الوظائف السلطوية ما بين تنفيذية وتشريعية وقضائية وأجرت التوازن بينها بأثقال تتحرك بحيث لا يقوم أى منها بالاستغلال أو بالاستبداد. وفى خارج «السلطة» فإن للإعلام والمؤسسات الدينية والثقافية والرياضية وظائف، فالأولى تتقصى الحقائق، والثانية تشرح الأصول والقيم الدينية، والثالثة تقوم بعملية التنشئة وتثبيت الهوية والرابعة ترفع لياقة الأبدان ومعها أعلام البلاد فى المحافل الرياضية. ويقع الخلل فى أى من هذه الأنظمة- الإنسان والفرقة الموسيقية أو الدولة- عندما تختلط الوظائف أو يحدث ما يجعل واحدا من الأجهزة يقوم بوظيفة غير تلك المنوطة به، أو يعجز بشكل أو آخر عن القيام بوظيفته، فإذا زاد الدم فى المخ كان ذلك يعنى «جلطة»، وإذا ارتفع أداء آلة عما هو مقدر انهار اللحن، أما فى الدولة فإن الخلل لا يمس فردا، ولا ينهى لحنا، وإنما يضر بالأوطان ويعرضها للخطر، وأحيانا يصيبها بالشلل.
فشل فى تعريف الوظيفة أحيانا ما يكون من أسباب الخلل، ولا شىء مثل الإعلام
يجرى فيه فشل التعريف فتختلط الأمور وتختل، فهو ليس الإعلان
تعليقات
إرسال تعليق