الدكتور شبوكشى
دخل الرجل إلى عيادة الطبيب الشهير الدكتور شبوكشى وهو مستبشر بأن نهاية الأوجاع ستكون على يديه. نام على السرير قبالة الطبيب الذى تفحص وجهه ثم مال عليه يسأله: حدثنى عن ظروفك العائلية!، قال مدهوشاً: عائلية إيه؟ عظام يدى وساقى تؤلمنى بشدة. تجاهل الطبيب ملحوظته وسأله: هل يكفيك مرتبّك؟ قال: لقد اقترضت حتى أدفع لك الفيزيتا، لكن هذا لا يشغلنى الآن.. رُكبتى يا دكتور.عاد الطبيب إلى كرسيه فجلس وأمامه المريض متلهفاً ليعرف أخبار حالته. قال الطبيب: حالتك النفسية سيئة ولديك اكتئاب متوسط.. سأكتب لك أدوية تحل كل مشاكلك. نظر المريض حوله فى دهشة ليرى إن كان الطبيب يحدث شخصاً آخر ثم قال معترضاً: عظامى يا دكتور.. أوليست اللافتة المعلقة على بابك تقول إنك طبيب عظام؟ أخذه الطبيب من يده وأوصله حتى الباب وقال للتومرجى: اللى بعده!.
دخل الصيدلية يجر قدميه جراً وقدم للصيدلى روشتة الدكتور شبوكشى فأحضر له دواء تريبتيزول ودواء زولوفت. فى البيت اكتشف أنها أدوية لعلاج الاكتئاب والذهان وكل ما له علاقة بالدماغ المتشخرمة. بعد قليل نزل ليقابل أصدقاءه على القهوة وهناك حكى لهم عن الطبيب العجيب الذى وصف له علاجاً للاكتئاب وتجاهل وجع عظامه. كانت خلاصة كلام الأصدقاء أن الطب لم يعد له أمان كما كان فى السابق، وأن الأطباء لم يعودوا هم الحكماء كما يشى اسم نقابتهم «دار الحكمة»، بل إن الطب صار وظيفة من السهل انتحالها من قِبَل بتوع الكفتة والحواوشى. شعر الرجل بأنه كان ضحية طبيب مختل ضحك عليه ولهف منه ثمن الكشف ثم جعله يشترى دواء بالشىء الفلانى وهو ليس فى حاجة إليه. هذا الشعور أزعجه ونكد عليه فعاد إلى البيت محطماً يشعر بأن العالم يطبق عليه ويكاد يخنقه. نام وأحزانه معه، وعندما استيقظ كان اليأس والغضب قد استحالا إلى اكتئاب نفسى حاد سيطر عليه ففقد الشهية للطعام وأهمل الذهاب للعمل ولم يعد يحلق ذقنه أو يهتم بمظهره. مرت الأيام وهو من سيئ إلى أسوأ، حتى خشى عليه الأصدقاء والجيران، ثم قرر أحد أصدقائه أن يقيم معه ويتعهده بالرعاية وبدأ يعطيه أدوية الاكتئاب بانتظام.. يوما بعد يوم بدأ الرجل يتحسن وبدأت تعود إليه روحه الغائبة واسترد شهيته للطعام من جديد وحلق ذهنه واستحم وقطع الإجازة مقرراً العودة إلى العمل. بعد أن أنهى كورس العلاج شعر بأنه وُلد من جديد، وأن فترة الاكتئاب الكابوسية قد فارقته إلى غير رجعة، فنزل فى المساء وقطع الطريق إلى عيادة الدكتور شبوكشى وهو يصفر فى الشارع بألحان مبهجة، ولم ينس أن يعرج على بائع الورد ليشترى باقة جميلة قدمها للطبيب شبوكشى وهو يحتضنه ويشكره على علاجه الناجع الذى أزال عنه الاكتئاب!.
تعليقات
إرسال تعليق