الطب القائم على الدليل.. هو الحل!

أستطيع القول بكل أمانة إن هناك تراجعا ملحوظا فى مستوى الرعاية الصحية المقدمة للمريض المصرى، وهناك أسباب كثيرة أتصور أن أهمها هو عدم الالتزام بما يسمى القواعد الاسترشادية (guide lines) عند الكثير من الزملاء

(evidence based medicine) والذى يعتمد على إجراء مجموعة كبيرة من الأبحاث العلمية وفقا للمعايير العالمية، وعلى أعداد كبيرة من المرضى فى عدة مراكز معتمدة على مستوى العالم ثم تتم مناقشة النتائج فى مؤتمرات علمية لكى تترجم بعد الموافقة عليها إلى ما يسمى بالقواعد الاسترشادية، وفى أحيان كثيرة لا تتم الموافقة على الرغم من إنفاق الملايين على هذه الأبحاث، ومعنى ذلك أن الالتزام بهذه القواعد يضمن أكبر قدر من صحة التشخيص والعلاج وهو المطلب الرئيسى للمريض، ومن ناحية أخرى ونظرا للاختلافات فى الظروف الاجتماعية والمادية والخصائص الوراثية فى بعض الأحيان فإنه من الأفضل إعداد قواعد استرشادية قومية أو محلية تتوافق مع كل مجتمع بما لا يخل بالمبادئ العامة للقواعد العالمية وقد حدث هذا فى مصر فى عدة تخصصات أذكر منها مرض السكر حيث عكف فريق من الزملاء الأساتذة على إعداد هذه القواعد وتم نشرها تحت إشراف اللجنة القومية للسكر منذ عامين.

يتطلب زيادة مستوى السكر فى الدم عن 126 مج فى حالة الصيام أكثر من 8 ساعات، وعن 200 مج بعد ساعتين من تناول 75 جراما من السكر، وكذا زيادة مستوى السكر التراكمى عن 6.5 % وهكذا فيما يخص كيفية التدرج فى العلاج واختيار الدواء المناسب لحالة المريض، وغيرها من العوامل التى يعرفها الطبيب المختص فى كل فروع الطب المختلفة.
نخلص من ذلك إلى أن اتباع هذه القواعد الاسترشادية النابعة من مبدأ الطب القائم على الدليل فى كل ممارساتنا الطبية فى كل العيادات والمستشفيات والمراكز الصحية هو أساس نجاح الممارسة الطبية، بما تشمله من فحص المريض وتشخيصه وعلاجه ومتابعته، وكذا العمل على الوقاية من هذه الأمراض. ومن هنا أطالب وزارة الصحة ونقابة الأطباء بالعمل الجاد على استكمال هذه القواعد فى كل التخصصات الطبية وفى مقدمتها الحالات الحرجة والطوارئ ثم نشرها وتوزيعها فى كل المنشآت الصحية لكى يلتزم بها كل الأطباء مع ضرورة وضع آلية لمراقبة هذا الأمر ومحاسبة الخارجين عن هذه القواعد، ومن هنا وهنا فقط يمكن أن نقول بكل أمانة إننا نقدم خدمة صحية تليق بالمريض المصرى ولا تختلف عن تلك المقدمة فى العالم المتقدم من حولنا وبذلك نقطع الطريق على محاولات بعض ضعاف النفوس للتحايل على المرضى بابتداع طرق للتشخيص أو العلاج لم تعتمد من المراكز الدولية المتخصصة كما هو حادث حاليا للأسف فى عدة مجالات.
أتمنى أن ينتهى عصر (الفهلوة) ويسود عصر الطب القائم على الدليل، وأتمنى أن تصل هذه الرسالة أيضا إلى المريض كى لا يضيع حقه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فيروس كورونا: هل تستطيع تجنب لمس وجهك لتفادي الإصابة بالفيروس؟

11 مرضاً تسبب تغيّرات في الشخصية