دراسة صادمة.. 7 آلاف طبيب مصري هاجروا منذ تفشي كورونا

 60%

 من الأطباء هاجروا خارج مصر

الهجرة بحثا عن الثروة

الفئات الكادحة التي يصعب عليها تحصيل الرزق المأمول في بلادها،

غير أن اتجاه الأطباء -وهم من الفئات الأبرز بالمجتمع المصري- نحو السفر خارج البلاد يبدو أمرا محيرا، 

نقصا حيويا بالقطاع الطبي 

 "الجيش الأبيض" وفق ما أطلقه الإعلام المصري عليهم أثناء الموجة الأولى للجائحة، كانوا الشريحة الأكثر هجرة بمصر خلال 2020.

ا النقص إلى هجرة الأطباء للخارج والتي تزايدت عقب الموجة الأولى لفيروس كورونا، وقدر عددهم بنحو 7 آلاف طبيب، فضلا عن وفاة نحو 276 طبيبا جراء الإصابة بالفيروس خلال الموجة الأولى، وهو ما ارتفع إلى 286، في أحدث إحصائية  لنقابة الأطباء المصرية.

ولا يزيد راتب الطبيب المصري عند بداية التعيين على 2500 جنيه (155 دولارا)، يرتفع عند الحصول على درجة الماجستير إلى 4 آلاف جنيه (250 دولارا)، بينما يحصل بعد الدكتوراه على نحو 5 آلاف جنيه مصري (315 دولارا).

في مارس/آذار الماضي، طالبت النقابة العامة للأطباء، الحكومة برفع قيمة بدل العدوى للأطباء، خاصة أنهم الأكثر عرضة لعدوى "كورونا"، لكن دون استجابة، ويتقاضى الطبيب المصري بدل العدوى 19 جنيها شهريا (1.2 دولار)، بينما تقرر مؤخرا صرف زيادة لهم تحت مسمى "بدل المهن الطبية" بقيمة 500 جنيه (نحو 30 دولارا) بقرار من الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي.

المثير أن فئةً مثل القضاة تتقاضى 3 آلاف جنيه شهريا كبدل عدوى، رغم أنها ليست معرضة لهذا الخطر مثل الأطباء.

الثروة ليست السبب

"لطالما راودتني فكرة السفر خارج البلد ولكن حب الوطن وارتباطي الشديد بأهلي هما ما حالا دون ذلك

الأسباب التي دفعتني للتفكير في الهجرة كثيرة، وعلى عكس الجميع، السبب المادي لم يكن السبب الرئيسي لتلك الرغبة، لكن العيش بكرامة كإنسان.. يكفي أن أحيا مع أطفالي وزوجتي حياة كريمة وأن أعمل في مستشفيات توفر مناخًا جيدًا للعمل".

 مستشفيات العزل الطبي في مصر، بعد أن رأيت التعامل غير الإنساني مع الأطباء وعدم توفير المناخ المناسب لهم بل وعدم توفير المقابل المادي أو حتى المعنوي لتضحياتهم بأرواحهم وسط هذا الوباء".

استنكر أحمد ما يتعرض له الأطباء من ضغوط إعلامية تحمل الفريق الطبي المسؤولية عن أخطاء في إدارة الأزمة، بدلًا من توجيه التحية لهم، فضلًا عن المقابل المادي الضعيف جدا وسكن الأطباء شبه المتهالك، على حد قوله.

أضاف بحسرة "حتى من يصاب من الأطباء بالوباء لا يستطيع إجراء مسحة في المستشفى التي يعمل بها، ويعاني الأَمَرّين للحصول على إجازة مرضية من هيئة التأمين الصحي المسؤولة عن تلك الإجازات بل وتتم معاملته أسوأ معاملة وكأنه يدعي المرض".

 أعدّها المجلس الأعلى للجامعات والمكتب الفني لوزارة الصحة المصرية، في منتصف يونيو/حزيران 2019، بأن القوة الحالية للأطباء داخل مصر، لا تتجاوز نسبة 38%، من القوى الأساسية المرخص لها بمزاولة المهنة، بواقع 82 ألف طبيب من كافة التخصصات من أصل 213 ألف طبيب حاصلين على تصاريح سارية لمزاولة المهنة.

الدراسة الحكومية، إلى أن نحو 62% من الأطباء المصريين، يعملون خارج مصر، أو استقالوا من العمل الحكومي للتفرغ للعمل في مستشفيات خاصة، أو في عياداتهم الخاصة، كما يبلغ عدد الأطباء المسجلين في وزارة الصحة المصرية 57 ألف طبيب، في حين أن قطاعات الوزارة تحتاج 110 آلاف طبيب لتغطية متطلباتها.

الاستقالة دواء

من جانبه، عبّر الطبيب الشاب "شريف أحمد" الذي غادر مصر منتصف سبتمبر/أيلول من العام الماضي، عن شعوره بالحزن الشديد عقب تقديم استقالته من وزارة الصحة المصرية، متجهًا لإحدى الدول الخليجية باحثًا عن عمل وحياة يراها أفضل

وأضاف في حديثه للجزيرة نت، "في البداية تقدمت باستقالتي من وزارة الصحة، عقب ما رأيته من موت محقق لي في عنابر العزل الطبي، لا توجد خدمات طبية ولا أي مقومات حماية لنا كأطباء".

استكمل حديثه، "رأيت أصدقائي يتساقطون واحدا تلو الآخر أمام عيني، وبالفعل أصبت وأسرتي بفيروس كورونا، ولم أجد مكانًا لي بالمستشفيات الحكومية، ولجأت إلى مستشفى خاص، والحمد لله تعافيت وأسرتي، وعلى الفور قررت مغادرة مصر"

أشار الطبيب شريف إلى تواصله مع أصدقائه خارج مصر، حيث أقنعوه بضرورة السفر خاصة أن تخصصه الطبي مطلوب، مضيفًا أن سبب سفره لم يكن إطلاقًا بحثًا عن مال -والذي يراه حقا لمن يسعى له- ولكن كان السبب الرئيسي له هو البحث عن حياة كريمة لأسرته الصغيرة التي تحمّلت معه ظروفًا قاسية، على حد تعبيره.

إحصائيات مقلقة

بدوره، قال المسؤول السابق بوزارة الصحة المصرية، مصطفى جاويش، إن هجرة الأطباء المصريين، بدأت منذ أكثر من 3 سنوات، وبلغت بحسب إحصائيات نقابة الأطباء المصرية حتى عام 2019، والتي تشير إلى مغادرة أكثر من 10 آلاف طبيب.

كما استشهد بتصريحات لوزيرة الصحة المصرية هالة زايد في عام 2018، بأن هناك أكثر من 60% من الأطباء غادروا مصر، من بينهم 70 ألف طبيب في دول الخليج فقط.

"بعد ظهور جائحة كورونا بمصر، ظهرت أمور في غاية الخطورة بالقطاع الطبي، منها ضعف الإمكانيات والتجهيزات والبنية التحتية بالمستشفيات المصرية وشكوى الأطباء من أول يوم لظهور الفيروس وحتى اليوم، من النقص الشديد في المستلزمات الطبية والواقيات من الإصابة".

أشار جاويش إلى أن الأطباء يواجهون فساد بروتوكولات العمل، حيث يمكث الطبيب في مستشفى العزل الطبي لمدة 15 يوما، ويعمل أحيانا 24 ساعة متصلة، مما أدى لسقوط عدد كبير من الأطباء نتيجة الإرهاق وكان أبرز الحالات طبيب مستشفى بلطيم في محافظة كفر الشيخ والذي أصيب بفقدان البصر، وغيره من الأطباء الذين أصيبوا بأزمات قلبية، وتوفاهم الله.

وشدد المسؤول الصحي السابق، على أن الحكومة المصرية حاولت الضغط على الفريق الطبي لمواجهة أزمة نقص الكوادر الطبية وتقدُّم عدد كبير منهم بالاستقالات، بأن حوّلت الأمر للجهات الأمنية وأصبح الطبيب الراغب في الاستقالة يحول لجهاز الأمن الوطني (أمن الدولة سابقا)، وتم بالفعل استدعاء عدد من الأطباء، مما أدى لهجرة الأطباء خارج مصر، دون تقديم استقالة، مما سبّب عجزا في الكوادر الطبية داخل المستشفيات، وكانت الوجهة لأغلب الأطباء نحو كندا وأميركا ودول أوروبا طلبًا للعلم، وبيئة عمل صالحة.

حلول غير واقعية

وأضاف جاويش "وزيرة الصحة في عام 2018، أعلنت بناء على توجيهات القيادة السياسية -كما تحب أن تقول- منع تجديد الإجازات للأطباء في الخارج، وأضاعت على مصر مئات الآلاف من العملة الصعبة التي يدفعها الأطباء سنويا في سبيل تجديد إجازاتهم، متصورة أنها بذلك سترغم الطبيب على العودة لمصر".

استنكر المسؤول السابق بوزارة الصحة الاتجاه الرسمي لتخريج دفعات استثنائية عاجلة من الأطباء، معتبرًا أنه مصطلح عسكري يستخدم في الحروب ومع الجيوش ولا يصلح مع الطبيب الذي يفترض أن يمكث 7 سنوات يدرس ويتعلم.

جاويش "أعلن  السيسي تحويل الصيادلة لأطباء وهذا يدل على عدم دراية المسؤول العسكري بالفرق بين الصيادلة والأطباء في طبيعة العمل، وهو ما استنكرته نقابة الأطباء التي تمنح تراخيص مزاولة المهنة للأطباء".

حذّرت نقابة الأطباء المصرية في مايو/أيار الماضي من "انهيار" تام للنظام الصحي، واتهمت وزارة الصحة بالتقاعس في حماية العاملين في مجال الرعاية الصحية من فيروس كورونا.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فيروس كورونا: هل تستطيع تجنب لمس وجهك لتفادي الإصابة بالفيروس؟

11 مرضاً تسبب تغيّرات في الشخصية