كيف تروج لنفسك وتبرز مهاراتك في العمل؟ متلازمة المحتال ********

 التباهي بالنفس أمر لا يجيده الجميع،

تقول ستيفاني سوورد ويليامز، مؤلفة كتاب "اللعنة على التواضع: لماذا الترويج الذاتي ليس بالكلمة القبيحة":

يجب أن يعتبر الاعتزاز بإنجازاتك المهنية جانبا طبيعيا في الحياة، وليس من المحرمات،

فإبراز مهاراتك بشكل جيد يمكن أن يصب لصالح نجاحك في العمل، وسواء كنت تنتقل إلى وظيفة جديدة، أو تسعى إلى الارتقاء على السلم الوظيفي، أو ترغب في إطلاع رئيسك في العمل على ما حققته من انجازات، فامتلاك مهارة الترويج للذات بشكل فعال هو ميزة مهمة.

الحاجة إلى "التسويق الذاتي" لم تكن يوما أكبر مما عليه الآن

تحتاج الشركات إلى أن تزن ما تحتاجه بدقة - وما لا تحتاجه - لتتمكن من المضي قدما.

 الذين اضطروا للعمل من منازلهم، إذ أظهرت أبحاث أنهم يعانون من الافتقار إلى إمكانية اللقاء مع المديرين وجها لوجه، الأمر الذي يؤثر سلبا على فرصهم في الارتقاء الوظيفي.

"إذا لم نستثمر الوقت في التعريف بقيمتنا، فإننا نخاطر بأن يُنظر إلينا على أننا أشخاص لا حاجة لهم. المضمون الذي تقدمه عن نفسك يشكل ما ستُعرف به. لذلك من الضروري أن تتحكم جيدا بهذه المعلومات".

يمكن للطريقة التي نروج بها لأنفسنا أن تساهم في تحديد ما إذا كنا سننجح ونبرز في العمل، أو نتراجع، ونصبح مهملين أو على الهامش. وهذا يعني أنه يتعين علينا التغلب على الحساسية، وتعلم كيفية التعريف بكافة مهاراتنا بشكل صحيح. ولحسن الحظ، هذا الأمر قابل للاكتساب ويمكننا جميعا إتقانه.

الفجوة بين الجنسين في الترويج الذاتي


يعتبر الترويج للذات في أبسط أشكاله، عملية لفت الانتباه إلى عملك وإنجازاتك. سواء كان ذلك بواسطة منشور على "لينكدين"

محادثة مع جهة مهمة ضمن شبكة العلاقات. فالترويج للذات يسلط الضوء على نجاحاتك بهدف تطوير ما يمكن أن يصبح "علامة تجارية شخصية"، أو المضي قدما في مسيرتك المهنية، أو تأكيد حضورك في المجال الذي تعمل به. إنها مهارة مهمة، سواء بالنسبة لشخص يحاول صعود السلم الوظيفي، أو بالنسبة لمدير تنفيذي.

ربما من غير المستغرب، أن تُظهر الأدلة أن ممارسة الترويج للذات لدى الرجال أعلى مما هي عليه لدى النساء

يقول خبراء إن إطلاع رئيسك في العمل بشكل منتظم على ما تقوم به، يعتبر انطلاقة جيدة للترويج لنفسك

كتاب "لماذا النساء أفقر من الرجال (وما الذي يمكننا فعله حيال ذلك)": "تظهر كثير من الدراسات المنفصلة أن الرجال يميلون إلى التفاخر بإنجازاتهم عند سؤالهم عنها، بينما تميل النساء إلى التقليل من شأن إنجازاتهن وقدراتهن".

 "تُعاقب الفتيات اجتماعيا إذا تبجحن أو تصرفن بشكل حازم. وهناك كلمات مثل استعراضية ومشاكسة ومتسلطة، تُستخدم فقط لوصف الإناث، بينما يُنظر إلى نفس السلوك من قبل الرجال على أنه دليل على الثقة بالنفس والتمتع بقدرات قيادية".

"نتيجة لذلك، تشعر المرأة أن عليها أن تكون على درجة عالية من الكفاءة في أمر ما قبل أن تتمكن من التباهي به وإعلانه على الملأ. كما تعاني النساء أيضا من الحاجة الدائمة لكسب رضا الآخرين، لذا، بدلا من المغالاة في تقدير الإمكانات مقابل الضعف في الأداء، يفضلن التواضع في تقدير مهاراتهن".

بالطبع، بعض النساء يروجن لإنجازاتهن بشكل طبيعي، بينما يعاني بعض الرجال في هذا المجال. كما أظهر استطلاع حديث أن النساء الأصغر سنا أكثر ارتياحا لذلك من نظيراتهن الأكبر سنا.

يمكن أن يكون للترويج الذاتي جانب سلبي أيضا، كأن يمارس بأسلوب خاطئ، ويمكن أيضا أن يعتبر تفاخرا مزعجا، الأمر الذي يقضي على الفوائد المرجوة منه. كما أنه قد لا ينجح في إثارة إعجاب صاحب العمل، وذلك تبعا لطبيعة شخصيته.

اجعلها عادة


 الترويج للذات المتسم بالاتزان يمكن أن يؤتي ثماره، فلا بأس بالتدرب على ممارسته، خاصة الآن بعد أن أصبح كثيرون منا يعيشون في عزلة نسبية بسبب ظروف العمل من المنزل. وقد يبدو التواصل مع عميل مهم، أو مفاتحة رئيسك بشأن الترقية أمرا غريبا حين تستعد للقيام بذلك من خلف شاشة الكمبيوتر وليس بشكل شخصي، لكن الافتقار إلى المبادرة وعدم القيام بأي شيء مما سبق ينطوي على مخاطر حقيقية.

تخصيص بعض الوقت للترويج للذات ضمن جدول عملنا، وما لم نفعل ذلك، فإننا نجازف بأن نصبح بعيدين عن الأنظار وبعيدين عن الذهن. ولتسهل عليك الأمر، فكّر به على أنه مجرد إطلاع الناس على مستجدات ما تفعله. فإذا كنت مسؤولا عن إدارة شخص، فسترغب بمعرفة ما يفعله، أليس كذلك؟".

تحدث مع رؤسائك عن الكيفية التي يرغبون بأن تطلعهم عبرها على آخر مستجداتك. فالتصرف بشكل استباقي وتقديم هذه المعلومات يوفر وقتا بالنسبة لهم، كما يمنحك سجلا يمكنك الرجوع إليه بخصوص أمور مثل تقييم أدائك. أسوأ تصرف هو أن لا تفعل شيئا على أمل أن يلاحظوا الجهد الشاق الذي تبذله في العمل. لذا، في وقت لا يمكنهم فيه رؤية ذلك بشكل مادي، فالأمر متروك لك لتذكيرهم".

تعلم وتطوير وتمرين مهاراتك في الترويج للذات، لكي تشعر براحة عند استخدامها. تقول مينتر: "تعود التحدث إلى رئيسك في العمل حول تطلعاتك المهنية طويلة المدى".

إذا كنت تفضل طريقة غير مباشرة وتبدو أبعد عن التفاخر، ففكر في تقديم نفسك كموجه، سواء للزملاء الأصغر سنا أو للنظراء في العمل. فمشاركة خبراتك وتقديم النصح للذين بدأوا العمل لتوهم هو طريقة رائعة لإظهار ما راكمته من مهارات وخبرات. ومن المفيد أيضا تدوين إنجازاتك، فهذا لن يذكرك بمهاراتك فحسب، بل سيعطيك أيضا نقاطا مرجعية سريعة في حال أتيحت الفرصة لمناقشتها في العمل.

الحرص على أن تعكس حساباتك الرقمية كافة مهاراتك وأحدث خبراتك، أمر لا بد منه، وفي نفس الوقت يمكن لمراقبة "إعلانات الإنجازات" الخاصة بأشخاص آخرين على "لينكدن" و"تويتر" أن تساعدك في التأكد من أسلوب "المشاركة" المناسب لك، وما يعجبك، أو لا يعجبك بهذا الخصوص.

وإذا كانت فكرة الترويج للذات لا تزال غير مقبولة بالنسبة لك، وتثير لديك رد فعل معاكس وتجعلك راغبا في الانكفاء على نفسك، فإن إعادة صياغتها في عقلك من شأنها مساعدتك على تجاوز هذا التردد الأولي.

الترويج للذات مجرد شكل من أشكال سرد الأخبار، عليك فقط أن تقرر كيف تريد أن تحكي سيرتك وأخبارك. عندما نقدم شرحا عن كيفية تحقيقنا أمرا ما، فذلك يسمح للآخرين إما بأن يشعروا بأنهم جزء من العملية - أو أنهم قادرون بدورهم على تحقيق نجاح مشابه".

متلازمة المحتال


شعور المرء بأن الإنجازات المهنية التي يحققها، لا تعود لجدارته أو لقدراته وأن الآخرين سيكتشفون ذلك إن عاجلا أو آجلا، يضع على كاهله بطبيعة الحال، مزيدا من الضغوط غير المرغوبة، في عمله.

 كشفت أن التصرفات والسلوكيات التي يقوم بها المصابون بهذه المتلازمة، للتعويض عما يعتبرونه نقصا في جدارتهم بإنجازاتهم المهنية، قد تجعلهم في واقع الأمر، يؤدون وظائفهم بشكل أفضل.

فتقبل هؤلاء "المحتالين" لشعورهم بأنهم غير جديرين بالإنجازات التي تُنسب لهم بدلا من مقاومة ذلك الشعور أو تجاهله، وبذلهم بالتبعية جهودا إضافية للتواصل مع الآخرين في مجال العمل، يمكن أن يجعلهم يتفوقون على أقرانهم، على صعيد المهارات الخاصة بالتعامل مع من حولهم. ويعني ذلك، حسبما تقول الباحثة الجامعية، أن هذا الشعور النفسي الذي يبغضه غالبية من يعانون منه، ربما يكون في حقيقة الأمر، دافعا لهم لأداء وظائفهم على نحو أفضل.

 فكر أكثر من 70 في المئة من العاملين في مرحلة ما من حياتهم، في أنهم غير جديرين بما يحققونه في مجالاتهم المهنية.

فلدى هؤلاء الأشخاص، نزوع نحو تحقيق الكمال، ويضمرون في داخلهم حاجة ملحة، لأن يكونوا الأفضل في المجالات التي يعملون فيها. وعندما يخفقون في تحقيق أهدافهم التي تتسم بالمثالية والكمال؛ غالبا ما يشعرون بأنهم "محبطون ومغلوبون على أمرهم، بل ويعتبرون أنفسهم فاشلين، وهو ما يشكل إفراطا من التعميم من جانبهم". ومن شأن ذلك، إدخال أولئك الأشخاص في دائرة مفرغة، تجعلهم يمنعون أنفسهم من تقبل ردود الفعل الإيجابية على عملهم، ممن حولهم.

فإذا أدى شعور المصابين بمتلازمة "المحتال" بالقلق من ضعف أدائهم المهني، إلى دفعهم للإفراط في التحضير لعرض تقديمي ما، على سبيل المثال، فلن يمنع نجاح العرض في نهاية المطاف، من أن تراودهم أفكار سلبية أيضا. فقد يشعرون في تلك الحالة، أنهم بذلوا جهدا أكثر من اللازم، وأنه كان يُفترض بهم إنجاز المهمة على نحو أيسر من ذلك. أما إذا أتموا مهمتهم في الموعد المحدد، لكنهم أنجزوها ببطء قليلا، فسيعزون ذلك إلى أن الحظ قد حالفهم، لا أن الأمر يعود لقدراتهم ومهاراتهم.

 العاملين المصابين بتلك المتلازمة احتلوا في واقع الأمر، مراكز متقدمة على قائمة من صُنّفوا على أنهم أكثر قدرة على التعامل مع الآخرين بفاعلية، مقارنة بغيرهم، ممن لا يعانون من هذه المشكلة النفسية. فقد وصف المديرون أولئك الأشخاص، بأنهم يتعاونون على نحو أفضل على الصعيد المهني، مع زملائهم في العمل.

أما التجربة الثانية، فشملت مجموعة من طلاب الطب، ممن كانوا على وشك إنهاء دراستهم، وبصدد بدء مرحلة الزيارات الفعلية للمرضى في المستشفيات، وهي آخر مراحل تأهيل هؤلاء الطلاب لبدء مسيرتهم المهنية. وجرى حث البعض من أولئك الطلاب، على أن يختبروا تجربة المعاناة من الأفكار التي تراود المصابين بـ "متلازمة المحتال"، عبر مطالبتهم بأن يسردوا عن طريق الكتابة، تفاصيل إحدى المرات، التي عانوا فيها من هذا الأمر.

كانوا أكثر تعاطفا، وأفضل من حيث الإنصات للمرضى، كما طرحوا أسئلة أفضل". وأشارت أيضا إلى أنه لوحظ أن الطلاب "المحتالين" أقاموا اتصالا بصريا بوتيرة أكثر تكرارا مع "المرضى"، وأنهم كانوا يقتربون منهم بشكل أكبر.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فيروس كورونا: هل تستطيع تجنب لمس وجهك لتفادي الإصابة بالفيروس؟

11 مرضاً تسبب تغيّرات في الشخصية