ما يميز الطبيب البشري ليس جودة تشخيصه فحسب . اختلاف اللغة يحرم المريض من فهم التشخيص الطبي

Aug 31, 2021 

 وصلت بعض نتائج الروبوتات التشخيصية إلى المستوى التشخيصي نفسه للأطباء البشريين، لكن أهم ما يميزهم هو "التعاطف". يُنظَر إلى التعاطف على أنه مزيج من المهارات العاطفية والمعرفية والعملية التي تنطوي عليها رعاية المريض. تخيَّل أنّ أهم ما يُميِّز هذا التفاعل البشري المحض يُعمَل عليه حاليا لتطوير روبوتات للرعاية الطبية التي على الأغلب ستحل محل التمريض.

على الأرجح لن يكون الروبوت أسوأ من "صديقتك" المنافقة التي تُظهِر تعاطفها مع الأمور السيئة التي تجري في حياتك وهي في الواقع في قمة الشماتة

الثورة الرابعة

يُعبِّر الكاتب والمؤرخ يوفال نوح هراري في كتابه "العاقل" (Sapiens) عن مدى تأثُّر البشرية بالثورة الزراعية، حتى إنّه سمّاها "أكبر خديعة في التاريخ" على عكس ما يقال عنها إنها كانت إحدى أهم المحطات في التاريخ، فهو يراها أحد أكبر أسباب انتكاسات البشر؛ لأنها تركت الفلاحين أكثر تعاسة وبؤسا من أولئك الجامعين الرُّحَّل: "زادت الثورة الزراعية بكل تأكيد المجموع الكلي لكمية الطعام التي تُصرَف للبشر، لكن الغذاء الفائض لم ينتج عنه نظام غذائي أفضل أو وقت فراغ أكبر، بل نتج عنه انفجار في أعداد السكان ونخب مُرفَّهة. عمل المزارع العادي بجهد أكبر من الجامع العادي، وحصل في المقابل على نظام غذائي أسوأ، إنها أكبر خديعة في التاريخ"

تحتاج الولايات المتحدة إلى توليد عدد 150 ألف وظيفة شهريا لتواكب الزيادة السكانية لديها(10)، لذا تبدو هذه المؤشرات كمَن يدق ناقوس الخطر. إذا كنا نلاحظ الزيادة الكبيرة في الأتمتة، فلا بد ألّا نهمل الإنتاجية (Productivity)؛ لأنها أحد أسباب تحسُّن جودة الحياة، التي يُفتَرض بها أن تزيد مع زيادة الأتمتة. الإنتاجية، أو إنتاجية العمل (Labor productivity)، هي مؤشر السلع والخدمات التي نُنتجها في الساعة.

 الوظائف تقل، والإنتاجية تزداد، وخمّن ما الذي يزداد أيضا؟ أجل، عدد السكان. الأمر يبدو وكأن العمال البشريين لم يعد لهم مكان. الأمر الأكثر إدهاشا هو أنّ عدد ساعات العمل لم يتغير لمدة 15 عاما، 

وإن كنا سنصبح عاطلين بشكل رسمي، أين تذهب كل تلك الأموال التي تنتج عن عمل الروبوتات؟ هل ستذهب لمُلّاكهِم فقط؟ ولمّا كانت تُفرَض علينا الضرائب، فهل ستُفرَض على الروبوتات أيضا؟ وهذه الضرائب ستذهب إلى قطاع الصحة الروبوتية أم إلى قطاع الصحة البشرية؟

قيمة الإنسان الذاتية تتحدّد بما يريد فعله في حياته؛ قد تكون تلك القيمة أنّه يريد مساعدة أكبر عدد من الناس، وآخر قد تكون قيمته النجاح، وهكذا. بغض النظر عن القيمة المادية، يُمثِّل العمل وسيلة لتحقيق القيمة الذاتية للإنسان".

(الدكتور مصطفى عبده، أخصائي الطب النفسي)


العمل يُتيح للإنسان أن يكون جزءا من منظومة ويُكوِّن علاقات اجتماعية، وهذا لا يتحقّق بشيء آخر غير العمل". لذا نحن لا نذهب للعمل من أجل المال فقط، هناك ما هو أكبر من ذلك، يستطرد: "ثقة الإنسان بنفسه جزء أساسي منها أن يعمل الإنسان، ويُحقِّق هذا العمل نفعا، والنفع يكون مطابقا للقيمة الذاتية التي يريد الفرد أن يُحقِّقها".

عندما لا نعمل سنصنع الحروب ونختلق مشكلات للسيطرة، وقد يصل الأمر إلى الانتحار في بعض الحالات. لكن لا يوجد شيء قطعي، قيل على لسان علماء النفس قديما إنّ الإنسان غريزته العنف والسيطرة، وإنّه عندما تَحضَّر أخرجها في صور أخرى

يبدو أننا أقل رضا عن أنفسنا أكثر من أي وقت مضى. لا يعرف أحد إلى أين نحن ذاهبون، ونحن أقوى مما مضى، لكننا لا نملك سوى القليل عما يجب أن نفعله بكل هذه القوة. والأسوأ من ذلك يبدو أنّ البشر غير قادرين على تحمُّل المسؤولية أكثر من أي وقت مضى. إننا آلهة خلقت نفسها بشراكة قوانين الفيزياء. هل هناك أخطر من آلهة غير راضية وغير مسؤولة ولا تعلم ماذا تريد؟

نهاية مجتمع العمل.. ماذا ستفعل البشرية في مستقبل لا وظائف فيه؟


*

بيومي أفندي - سكتش كوميدي عن تشخيص الدكاترة للمرضى .. ( بديل الطب البديل

https://www.youtube.com/watch?v=_hI_zMQuxVw

بيومي أفندي - لما يقع تحت ايدك الميكانيكي اللي بوظلك العربية .. ( مات من الضحك



*

 البرامج الطبية الوثائقية التي توضح كيفية تشخيص وعلاج بعض الامراض

“Monsters Inside Me”، ويظهر في هذا البرنامج المريض والمقربون منه لشرح الخطوات والوقت اللازم للتشخيص، وكم من المراجعات للأطباء والمشافي قد استغرق الأمر للوصول للعلاج.

ويعرض ذلك بموضوعية شديدة، ولا يلام فيها الطبيب المعالج بتاتا، فقد يعتقد الطبيب ان وجع المعدة لعدة أيام سببه التهاب المعدة (gastritis)، وعند عدم استجابة المريض ومع تقدم الحالة الطبية يتبين ان السبب خراج على الكبد “Liver Abscess” سببه جرثومة الاميبا!

كما ويظهر ذلك بشكل كبير في المسلسل الشهير “House”، ففي كل حلقة تظهر الحالة الطبية بشكل بسيط وتزداد تعقيدا حتى يتم التشخيص المناسب للحالة والذي قد يحتاج للتصوير الطبي، الفحوصات المخبرية، الخزعات الطبية ويمتد احيانا لتجربة العلاج الذي قد يكون الانسب للحالة وهو ما يعرف بالـ empirical treatment.

تشخيص الامراض ليس كما يعتقد الكثير من الناس، فهو قد لا يتم بزيارة واحدة للطبيب المعالج وبدء العلاج، فالحالات الطبية كثيراً ما تكون أكثر تعقيداً، و يتطلب ذلك الصبر والتفهم من المريض وذويه، وفيما يلي أذكر أهم الاسباب التي تجعل تشخيص الامراض امراً معقداً:

– علامات المرض الواحد تختلف بين حالة وأخرى:
ان من اهم الاسباب التي تجعل الطب من اصعب المهن هو ان الحالة الطبية الواحدة تختلف باعراضها وعلاماتها من شخص لآخر، وذلك بحسب العمر، شدة الحالة، مناعة الجسم ووجود المشاكل الصحية الاخرى؛ فمثلاً قد تظهر بعض الفيروسات على الجلد بشكل غريب ومبالغ فيه لدى مرضى زراعة الكلى او مرضى السرطان قيد العلاج وذلك بسبب ضعف المناعة في تلك الحالات.

 تطور الحالة الطبية يوما بعد يوم، فيختلف التوجه في التشخيص لدى الطبيب بحسب مرحلة الحالة الطبية:
فمن المعروف مثلاً ان العديد من الحالات الطبية قد تبدأ بأعراض التعب العام، فالتعب ليس عرضا محددا، فقد يكون بداية عدوى فيروسية او بكتيرية او ان يكون بداية مرض روماتيزمي طويل الامد، وفي مثال اخر قد يعاني المريض من وجع شديد في الصدر ليذهب الى الطوارئ ويجري فحوصات الذبحة الصدرية من تخطيط وغيره حتى يظهر طفح الحزام الناري على الجلد بعد أيام!

فحالات الحزام الناري تبدأ بوجع شديد لتنتهي بالطفح، إلا أنه ليس من المعقول اعتبار حالة وجع الصدر حزام ناري الا عند استثناء الذبحة الصدرية وظهور الطفح!

 السيرة المرضية غير الدقيقة:
قد يلجأ بعض المرضى الى اخفاء بعض النقاط المهمة عن الطبيب المعالج وذلك خوفاً من التشخيص او خوفا من حكم المجتمع، فقد يخفي المريض معلومات مهمة عن تعاطي بعض الادوية او الممارسات التي قد تساعد في التشخيص بشكل كبير، فهذا يزيد الحالة تعقيدا وقد يؤدي الى تأخير التشخيص.

بالempirical treatment 
فيبدأ العلاج قبل النتائج بناءا على الخبرة الطبية.

قد يلجأ المريض الى زيارة اكثر من طبيب من نفس الاختصاص من اجل التشخيص والعلاج، الا انه ليس من الضرورة ان الطبيب الذي نجح بتشخيص الحالة هو الاكثر كفاءة؛ ففي بعض الاحيان قد يسهل الاطباء الذين سبق وقيموا الحالة التشخيص على الطبيب الاخير عن طريق استثناء ما تم تقييمه مسبقا او ان الحالة اصبحت اكثر وضوحاً بطبيعة الحال مع مرور الوقت، وفي مثال على ذلك قد يأتي المريض الى الطبيب بحكة شديدة في الجسم مع ظهور للحبوب لمدة اسبوع، فيعالجه الطبيب بعلاج داء الحكاك”scabies”. غير ان المريض لا يستجيب للعلاج بتاتا فيراجع الطبيب الثاني فيقوم باستثناء داء الحكاك ويتم التشخيص كحالة حساسية الجلوتين وهو ما يعرف ب “Dermatitis Herpetiformis”، فهذا التشخيص قد يختلط مع تشخيص داء الحكاك بشكل كبير، فلا يعتبر تشخيص وعلاج الطبيب الاول بالخاطئ تماما بل انه منطقي وساعد بتشخيص الحالة بالشكل الصحيح عن طريق الاستثناء.

الطبيب يسخرا علمه وخبرته ما امكن لمساعدة المريض، فيتوجب على المريض احترام الطبيب وتقدير عمله في كافة الحالات، والتحلي بالصبر، كما ويجب فرض اشد العقوبات عند الاعتداء على الاطباء والقطاع الطبي، فتأخير التشخيص وارد في شتى بقاع الارض واكثرها تطوراً، الا أن تقدير المريض للطبيب مطلب ضروري لنجاح المنظومة الطبية وتقدمها وقيام الطبيب بواجبه تجاه المريض على اكمل وجه.




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فيروس كورونا: هل تستطيع تجنب لمس وجهك لتفادي الإصابة بالفيروس؟

11 مرضاً تسبب تغيّرات في الشخصية