نحبّ الدراما التي تدور في أروقة المستشفيات . أخطاء الأطباء
مسلسلا «New Amsterdam» و«The Good Doctor» على أعلى نسب مشاهدة عندما بدأت منصّة «نتفليكس» بعرضهما هذا العام.
لماذا نحب الدراما الطبيّة؟ وماذا يأسرنا في دراما المستشفيات؟ أسباب عدّة ربّما أهمّها أنّنا نقرأ من خلال المرضى ما يمكن أن نكون عليه، ومن خلال الأطباء نرى المنقذ من مرضٍ محتمل، والأهم أنّنا نشاهد مواقف نبيلة والكثير من اللحظات الإنسانيّة المؤثّرة.
الموت المؤجل
يجرّب طريقته في العلاج وتنجح. ويؤجّل موت المريض إلى أنّ يتنهي عمره.
حقيقة تجعلك تتساءل ماذا لو أنّ كل حالة تلفظ أنفاسها الأخيرة على سرير المرض وجدت الطبيب المناسب في الوقت المناسب؟ وهل انتهت أعمار قبل أوانها بسبب استسلام الأطباء؟
الأخطاء الطبيّة
عن قرب، ثمّة أطبّاء يخطئون لأنّهم مهملون، وثمّة من يخطئ لأنّه تحت تأثير ضغطٍ نفسي سببه الحالة التي يعالجها، أو أسباب شخصيّة.
الأطبّاء تضافروا كي يخفوا خبر إخفاق زميلٍ لهم، ارتكب الخطأ عن حسن نيّة، وعليه أن يتعايش مع تبعاته طيلة حياته.
في «The Good Doctor»، تستقبل المستشفى جرحى باصٍ انقلب، تكتشف الطبيبة كلير أنّ زوجة أحد الجرحى كانت معه ف الباص ولم يتم إحضارها إلى المستشفى، تهرع إلى مكان الحادث مع زملاء لها يبحثون عن الجريحة ويجدونها ملقاة على بعد أمتار لم ينتبه لوجودها أحد، هناك تصارع أنفاسها الأخيرة، تحاول كلير إنقاذها، ولرهبة الموقف تقوم بارتكاب خطأ طبّي يؤدّي إلى وفاتها. يقرّر مدير المستشفى التحفّظ على القضيّة، على أن تخضع كلير لإعادة تأهيل لتتخطّى الحادثة المؤلمة. أما أهل الضحيّة فكل ما يعرفونه أنّها توفيت في حادث سير مروّع.
في حالة كلير، تتعاطف مع الطبيبة، التي بذلت جهدها لتنقذ ضحية لم يكن أحد يعلم بوجودها، وتتساءل، كم من الوفيات حصلت في المستشفيات، اعتقد أهل المريض أنّ حياته انتهت بسبب المرض، بينما الحقيقة في مكانٍ آخر، يتحفّظ عنها الأطبّاء ليحمي أحدهم الآخر، إذ إنّهم جميعا معرّضون للخطأ، والشعور بالذّنب هو أقسى عقاب، بينما خروج الخطأ من دائرة غرفة العمليات يقضي على مستقبل الطبيب ولا يعيد الحياة للمريض، التبرير الذي يسوقه الأطبّاء لتبرير إخفائهم الحقيقة.
ماذا يحصل في غرف العمليّات؟
يتساءل كلّ منّا: ماذا يحصل في غرفة العمليات ونحن مبنّجون يُدخل الجراحون مباضعهم في أجسادنا؟ تنقلك هذه الأعمال إلى غرفة العمليات، تشاهد الأطباء والطاقم التمريضي يتحلّقون حول المريض، إذا كانت العمليّة سهلة، تجد الطبيب يغنّي، أو يحدّث زملاءه عن موعدٍ غرامي، أو مشروع ينوي القيام به. مواضيع عادية نتجاذبها مع زملاء العمل، لا يخطر ببالك أنّ الأطباء يتحدّثون عنها وهم يفتحون بطن مريض والدماء تغطّي أيديهم.
إذا كانت العمليّة خطرة، فيكون التوتّر سيّد الموقف، وقد تحصل مضاعفات داخل غرفة العمليات، ويبدأ الأطبّاء بالتكهّن عن سبب انتكاسة المريض، يقرّر أحدهم إيقاف العمليّة، والآخر السّير بها، ثم يرسون على رأي واحد.
تخيّل أنّ هذا الرّأي نتج عنه إنقاذ حياة مريض. تخيل لو أنّ الرّأي الآخر هو الذي رسى عليه الاختيار ومات المريض؟ كم حالة توقّف قلبها عند كلمة طبيب؟ وكم أنفاس كانت تُلفظ والأطباء يجرون مباحثات في الوقت الضّائع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟
أمراض جديدة نسمع عنها للمرة الأولى
ثمّة حالات مرضيّة معروفة للعامّة، إلا أنّ بعض الأمراض تسمع عنها للمرّة الأولى ولا تتخيّل أنّها موجودة.
في المسلسلات الطبيّة تتعرّف إلى أمراضٍ جديدة، بعضها وراثي وبعضها مستجدّ، تشاهد مع فضول أنّ أمراضا كهذه قد تصيبنا جميعاً.
تعايش معاناة مرضى حوّل المرض حياتهم إلى جحيم، وآخرين جعل منهم المرض أبطالاً، كما تعايش انتصار البعض وهزيمة البعض الآخر.
والأقسى عندما يستوي الخط في الماكينة الموصولة إلى القلب، فجلّ ما يفعله الطّبيب العاجز عن الإنقاذ بعد فوات الأوان، تسجيل وقت الوفاة بالسّاعة والدّقيقة.
حياة الأطبّاء اليومية
كيف لطبيب يدرك أنّ يده إن اهتزّت أكثر من اللازم ستقضي على حياة مريض، أن ينعم بحياة طبيعيّة؟ الحقيقة أنّ مهنة الطبيب قد لا تنتهي بمجرد خروجه من المستشفى كما الصحافي، لكنّها تبقى مهنة، تطبع الشخص الذي يمارسها ببعض الطباع، تفرض عليه إيقاعاً معيّناً، إلا أنّها تترك له هامشاً ليعيش حياته كما الأشخاص العاديين.
يحب، يتزوّج، ينجب أطفالاً، يكون حنوناً، عطوفاً ومتسامحاً، وقد يكون أنانياً، يمارس المهنة على سبيل إثبات الذات، يرفض التعاطف مع المرضى بحجّة أنّهم حالات فحسب تذهب ويأتي غيرها.
إنسانيّة الطبيب لا تحدّد براعته، قد يكون بارعاً لكنّه أشبه بتاجر، يجري العمليّة ليتقاضى المال فحسب، وقد يكون إنسانياً يعمل مجاناً لكنّه ليس بهذه البراعة.
الدراما الطبيّة بتنوّع القصص، فتارةً تجد مجرماً مصاباً، وحوله أطباء يناقشون أهميّة إنقاذه وهو ليس سوى قاتل يزهق أرواح الآخرين. يقول الطّب إنّ جميع البشر لهم حقّ في العلاج حتى المجرمين.
حالات تختصر حياة إنسانٍ يعاني، البعض يعطي للآخرين درساَ أن المعاناة تجعلنا أشخاصاً أفضل. والبعض الآخر يجلس في الزاوية ينتظر قدره، وفي كل الحالات يكون الطبيب هو المنقذ أو أقلّه يحاول.
فكلّنا كنّا يوماً أو قد نكون نزلاء مستشفى تحدّد مصيرنا أو مصير أحبّتنا.
Sep 26, 2021
*
المريض كل المرضى وأهله وأصدقاؤه يهتمون بأن يكون حصيلة العلاج والتدخل الطبى والجراحى هى شفاء المريض وبالرغم من جلوس الطبيب معهم وشرح أعباء التدخل ومدى الخطورة ولكنه أفضل من ترك المريض بلا علاج يعانى من الأعراض ألمًا وعجزًا إلا أنه عند عدم نجاح التدخل أو وفاة المريض أو حدوث مضاعفات يقفز للذهن مباشرة أن هذا خطأ الطبيب ويسارع الأهل بتقديم شكوى فى النيابة، والسيد وكيل النيابة لا يمتلك بالضرورة المعرفة بنوع التدخل ومدى الخطورة فيسارع بحبس الطبيب احتياطيًّا حتى يحين موعد العرض على القضاء وقد يستمر الحبس طول فترة المقاضاة.
لا أنكر حدوث أخطاء فى بعض الأحيان أو تقصير فى الرعاية الطبية بعد الجراحة، ولكن أكرر أنه تحدث مشاكل كثيرة للأطباء المحترمين وأصحاب الخبرة والذين لديهم الشجاعة فى التصدى لأعتى الأمراض ويبذلون كل الجهد والمستشفى فيه كل الإمكانيات بما فى ذلك رعاية مركزة تتناسب مع خطورة التدخل الجراحى وطبيب تخدير على درجة عالية من الخبرة والكفاءة والقادر على تقدير ذلك ليس وكيل النيابة ولكنه أستاذ متخصص فى نفس الفرع من الطب، وقد يستغرق الأمر أسابيع وشهورًا حتى تظهر الحقيقة ويُعفى الطبيب من المسؤولية وقد تكون العقوبة مجرد تعويض مادى مناسب ولكن لا توجد عقوبة حبس للطبيب وقد يكون الخطأ يتعلق بآداب المهنة وهذه مسؤولية النقابة وقد تكون العقوبة الإيقاف عن العمل أو سحب الترخيص إذا كان الخطأ مما لا يجوز ارتكابه.
إن النظام الحالى للتعامل مع ما يسمى أخطاء الأطباء جعل الكثيرين من كبار الأطباء وصغارهم يحجمون عن التصدى للمرض بالجراحة إذا كان فيها خطورة تعرض سمعة الطبيب للخطر، ولى تجربة شخصية مع المرحومة زوجتى، حيث مرضت بسرطان الرحم وبسبب الإهمال والتراخى ورفضها العرض على الإخصائى كبر الورم ويبدو أنه انتشر لكى يصيب أعضاء أخرى بجواره وحضر الطبيب الكبير وفتح البطن وعندما وجد أن السرطان متقدم لم يفعل شيئًا وأغلق البطن، وأبلغنى أنه لا أمل فى التدخل الجراحى. وكثيرون من الزملاء أخبرونى أنه كان فى الإمكان استئصال ما يستطيع من الورم ويترك الباقى للتعامل معه بالكيماويات وبالأشعة العلاجية.
تعليقات
إرسال تعليق