الطب الحيوي
الطبيب والباحث دونالد ريديلماير «علم الذهنيات cognitive science لديه الكثير مما يستطيع تقديمه للطب. فبصفته مزيجًا من علم النفس واللسانيات وعلوم الكمبيوتر، يقدم علم الذهنيات نماذج معرفية جديدة للطب الحيوى» (الطب الحيوى يمكن دراسته بجامعة زويل بالقاهرة مثلاً، ويُعَرَّف بأنه علم الأحياء النظرى والتطبيقى، فى علاقته بالصحة والمرض).
استخدام الذكاء الاصطناعى (الذى نتج عن الثورة الذهنية) فى فهم الظواهر المرضية والعلاجية. ويؤكد الطبيب اهتمامه الشخصى وانبهاره بإمكانات الاستفادة من علم الذهنيات فى تحسين آرائه وأحكامه وتشخيصاته، قائلاً «من منا لم يتركب أخطاء؟» هذا التواضع هو نفسه إحدى نتائج الثورة الذهنية. الثورة التى مكنت الإنسان الغربى من تشريح المخ وفهم وظائفه، فاكتشف أن اللاوعى يحرك الكثير من أفكاره ومشاعره، فساهم هذا فى تواضعه.
فى كتابه «علم الذهنيات فى الطب: نمذجة (من نموذج) الطب الحيوى»، يعالج ريديلماير الفرق بين الممارسات الإكلينيكية (تشخيص وعلاج الطبيب للمريض بالعيادة) من ناحية، وحل المشكلات الطبية بمساعدة ما يسمى «النماذج المثالية» idealized models، التى ينتجها الذكاء الاصطناعى من ناحية أخرى. الحكمة هنا هى أن ذهن الطبيب مهما كان علمه وخبرته ووسائل التشخيص والعلاج التى فى حوزته، لن يستطيع أن يجارى الذكاء الاصطناعى من بعيد أو قريب فى كم المعلومات التى يختزنها، وسرعة استخدامها، والقدرة على فحص آلاف السيناريوهات المختلفة للخروج بأفضل الحلول لمريض محدد (أحمد حسن مثلاً)، فى ضوء إجمالى معطياته الشخصية والصحية وظروفه الاجتماعية وقدراته المالية، المعلومات التى تتوفر بشكل متزايد فى الحواسب اليوم عن كل فرد منا.
الفصل الأول من الكتاب يركز على تحفيز القارئ (غالباً أطباء) على الاطلاع على نتائج علم الذهنيات بفروعه الفلسفية و«النفسعصبية»، واللغوية و«الديجيتالية»، وذلك بسرد أهم الأسباب التى تدعو إلى الاهتمام بعلم الذهنيات، وأهمها تطوير القدرة على الفكر متعدد الأبعاد فى النظرة إلى المريض كإنسان، والتواصل الفعال مع المرضى والزملاء، وتطوير القدرات التعليمية والتدريبية.
مشكلات الطب فى مصر لا يمكن حلها بالتجزئة. لا مفر من فهم روح العصر، أى التعرف عن كثب على الثورة الذهنية. ثورة الفهم العلمى للأذهان.. وصناعتها.
تعليقات
إرسال تعليق