التثقيف الصحي

شهدت السنوات الأخيرة زيادة
سريعة في أعداد الأشخاص
المصابين بأمراض مزمنة. ورغم
خطورة معظم هذه الأمراض على
الصحة العامة للناس وإرهاقها
لأنظمة الرعاية في مختلف دول
العالم، إلا أن الكثير من المرضى
لا يكتشفونها مبكرا أو تأخروا في
علاجها، وفي كلتا الحالتين كان
غياب التثقيف الصحي هو السبب


عملية التوعية والتعريف
بطبيعة بعض الأمراض وما تعنيه،
يتم تدريسها للنشء في المؤسسات
التربوية والمدارس في العديد من
الدول الأوروبية اليوم، كما يفتح
بشأنها باب الحوار داخل الأسر
وعبر وسائل الإعلام، من أجل
إتاحة الفرصة للناس لفهم الكثير
من الجوانب الصحية والتحدث
عنها بشكل أكثر انفتاحا ووعيا،
ودون تابوهات، حتى يتم الحد من
كلفتها المادية والصحية وإرهاقها
النفسي.
المؤسف أنه بالرغم من حملات
التوعية والتثقيف لا يتم تشخيص
بعض الحالات الخطيرة -مثل
الأورام- إلا بعد ظهور العلامات
المؤكدة للمرض، ولو تم الكشف عنها
مبكرا لكانت فرصة الشفاء أفضل،

ولتم قطع الطريق على المرض قبل
أن يستفحل

ما يثير القلق بالنسبة إلى
مجتمعاتنا العربية أن الكثيرين
ينشأون في أوساط أسرية
واجتماعية تعاني من الأمية
الصحية


فلا
يجدون من يقدم لهم الإرشاد والنصح
ويجيب عن أسئلتهم المتراكمة
بخصوص الكثير من المسائل، ولهذا
فإن التوعية الصحية المدرسية قد
أصبحت اليوم في منزلة الضرورة
وليس
العيبكما يظن البعض.
لكن المشكلة تكمن في أن الناس
مازالوا يعيشون حالة معقدة من عدم
التصالح والانفصال عن أجسادهم ومع
عدة أمور صحية وجنسية طبيعية،
فرغم الجهود المحدودة التي تقوم بها
بعض الجمعيات ومنظمات المجتمع
المدني لتعميم المعلومة الصحية، لا
يزال الحديث عن هذه الموضوعات
أمرا شائكا وتحيط به ثقافة العيب
والمحرمات
أستحضر هنا مقولة شائعة
للفيلسوف الفرنسي فولتير تفيد بأن
الآداب العامة ليست عامة بما يكفي
دائما
، ومشكلتنا في المجتمعات
العربية دائما تلك المظلة العامة، التي
ليست سوى مجرد ضوابط اعتبارية
ومثالية لا تحول دون وقوع المحظور

بما تضمنته مادة العلوم من
نصوص قيل إنها
تتنافى مع القيم
والبيئة الأردنية
، ووصل الجدل إلى
منصات التواصل الاجتماعي، ما اضطر
وزارة التربية إلى حذف تلك الدروس،
وتغيير عناوين البعض الآخر.
هناك من الأولياء من ادعى أن
تلك المقررات تحتوي على عبارات
جنسية وكلمات خادشة للحياء،
يصعب شرحها لطلبة لم تتجاوز
أعمارهم العشر سنوات، رغم أن ذلك
لم يتعد مجرد درس بسيط حول
مراحل تكوين الزهرة، ولكنهم أولوه
وفق ما يتناسب مع ثقافتهم التي
تعتبر الأمر
عيبا.
أعتقد أن أطفال اليوم هم أبناء
مخلصون للإنترنت وعلى بعد
نقرة واحدة من المواد الإباحية
والجنسية، وإذا لم ُت َّ هيأ لهم بيئة
واعية ومنفتحة، لتعرفهم بما هو
طبيعي وما هو غير طبيعي، فإنهم
سيكونون معرضين للاعتداءات
والإغراءات والوقوع في الخديعة،
وإن وقع ذلك سيدفنون شعورهم
بالخزي والحرج في داخلهم، بل قد
يوجهون اللوم إلى أنفسهم تحسبا
للوم الآخرين، وينتهي الحال
بهم إلى الإصابة بأزمات نفسية
وصحية والشعور بالوصم
الاجتماعي، في حين أن كل ما
كانوا يحتاجونه هو بعض
التجارب والنصائح من
بيئتهم الأسرية والاجتماعية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فيروس كورونا: هل تستطيع تجنب لمس وجهك لتفادي الإصابة بالفيروس؟

11 مرضاً تسبب تغيّرات في الشخصية